ظاهرة الديجافو (Déjà vu phenomenon)؛ هي واحدة من الظواهر النفسية البديهية أو الحدسية الشائعة التي تحدث لنسبة كثيرة من الأشخاص سواء من الذكور أو الإناث لكن نسبة حدوثها أكثر في الرجال عن السيدات، على حسب تقديرات مختلفة حول هذه الظاهرة فإن نسبة حدوثها تتراوح ما بين 60 إلى 80% من سكان الأرض، وتعني في الأساس “شوهد من قبل” وهي كلمة فرنسية وسوف نتعرف أكثر على الظاهرة من خلال هذا المقال.
ظاهرة الديجافو
ظاهرة الديجافو هي ظاهرة شائعة ومن المؤكد أن الجميع قد مر بها ولو مرة واحدة في حياته، فهي في الأساس ترتبط إرتباطًا وثيقًا بآلية التخزين في الدماغ، حيث يحدث تخزين الذاكرة في الفص الصدغي بالدماغ وهو الجزء المعني بالذكريات البصرية ويعمل على معالجة المدخلات الحسية، وتحديدًا هذا الفص مرتبط في الكشف عن الإلفة والاعتياد وبالتالي هي في الأساس ظاهرة طبية لا علاقة لها بالأمراض النفسية والاضطرابات العصبية عدا المرضى الذين يعانون من مرض صرع الفص الصدغي.
شاهد أيضًا: ما هي ظاهرة الاورورا وكيف تحدث
ما هي العوامل التي تزيد من حدوث ظاهرة الديجافو
هناك العديد من العوامل التي تزيد من حدوث هذه الظاهرة لدى الإنسان وعلى حسب قول الأطباء هي كالآتي:
- المرحلة العمرية
حيث يتكرر حدوث مثل هذه الظاهرة ما بين صغار العمر وتقل كلما ازداد الإنسان في التقدم بالعمر.
- المجتمع
يزداد حدوثها في المجتمعات المتطورة من حيث الناحية الاقتصادية والاجتماعية وبين الأفراد الأكثر تعليمًا، وقد أشارت العديد من الدراسات إلى أن ثلثي الأشخاص قد أصيبوا بهذه الظاهرة ولو مرة واحدة في الحياة.
- السفر
يصاب بهذه الظاهرة الأشخاص الذين يسافرون بصورة متكررة.
- الإجهاد
حدوث ظاهرة الديجافو تكون أكثر شيوعًا في حالات الإجهاد والتوتر والقلق الشديد على حسب العديد من التقارير الطبية.
- تناول الأدوية
تناول بعض الأدوية يزيد من احتمال الإصابة بهذه الظاهرة خاصة تناول الأدوية التي تحتوي على البروبانول أو الامانتادين.
ما هي أنواع ظاهرة الديجافو
قسم العلماء ظاهرة الديجافو بناءًا على الحدث أو الموقف الذي استعد وتهيأ الشخص من أجل تكرار حدوثه وذلك كالآتي:
- Déjà Pressenti: أي تم لمسه أو إحساس ملمسه من قبل.
- Déjà Connu: تمت معرفة هذا الشخص من قبل.
- Déjà Raconté: أي تم إخباري بهذا الخبر الخبر من قبل.
- Déjà Dit: يعني تم تكلم هذا الكلام أمامي من قبل.
- Déjà Recontré: أي أنه تم مصادفة الشيء من قبل.
- Déjà Entendu: يعني أنه تم سماع هذا الشي من قبل.
- Déjà Rêvé: أي أنه تم الحلم بهذا الحلم من قبل.
- Déjà Sent: أي تم شم هذه الرائحة من قبل.
- Déjà Gôuté: يعني تم تذوق هذا الطعم من قبل.
- Déjà Su: أي تمت معرفة هذه الفكرة من قبل.
- Déjà Fait: أي تم إنجاز مهمة معينة من قبل.
- Déjà Parlé: أي قمت بالتكلم بهذا الكلام من قبل.
- Déjà Visité: أي تمت زيارة هذا المكان من قبل.
- Déjà Pensé: تعني قمت بالتفكير بهذه الطريقة من قبل.
ما هي أسباب حدوث ظاهرة ديفاجو
ظاهرة ديفاجو سرعان ما تنتهي فهي حالة يعيش بها الإنسان لفترة مؤقتة، وأشار خبراء علم النفس إلى أن أسباب حدوثها متعدد وإليكم أبرز الأسباب:
انقسام الإدراك
يشير العلماء إلى أن ظاهرة ديفاجو عبارة عن رؤية الموقف مرتين، ويكون السبب الرئيسي في هذا الأمر هو حدوث انقسام في الإدراك، والذي يعني أن يقوم الشخص بإقصاء الموقف الذي شاهده في المرة الأولى لأسباب مختلفة ومنها تشتيت التفكير حينها.
تحديداً وفي تلك الأثناء يقوم الدماغ بتشكيل ذاكرة خاصة لهذا الموقف، وذلك لتجميع الموقف الذي لم يستطيع العقل إدراكه في وقت حدوث الموقف، لذا لا يعطي الشخص اهتمام لما يراه، حيث أن العقل لم يجمع معلومات كافية عن ذلك الموقف.
أما عن مشاهدة الموقف للمرة الثانية فهي تكون بكامل الإدراك حيث يعتمد العقل على الذاكرة التي تشكلت في المرة الأولى، وهنا يحدث الانقسام فإن الدماغ لديه إدراك مسبق حتى وإن كان بدون وعي كامل.
عطل بسيط في دائرة الدماغ
أشار علماء النفس إلى أن من ضمن أسباب ظاهرة ديفاجو هو حدوث عطل بسيط في دائرة الدماغ، وقد شبهه العلماء بالعطل الكهربائي القصير، هنا يحدث خلط بين الأمور لدى الشخص حين يشاهد الموقف متكرر، حيث يقوم جزء من الدماغ بتتبع الأحداث في الوقت الراهن، وجزء آخر يحاول استدعاء الأحداث التي شُهدت في المرة الأولى من الذاكرة.
هنا يشعر الإنسان بأنه يقوم باستعادة الذكريات من زمن بعيد وطويل ويشعر بأنه شاهد نفس الموقف في وقت سابق، ويشير علماء النفس إلى أن تلك الحالة ليست خطيرة.
استدعاء الذاكرة
اعتقد الخبراء أن السبب في حدوث ظاهرة ديفاجو لبعض الأشخاص هو استدعاء الذاكرة ولكن هو عبارة عن شعور ليس أكثر، وذلك حسب بحث علمي أجرته الباحثة “اني كلير” وهي استاذة جامعية في كولورادو، كما أكدت على أن تلك الظاهرة عبارة عن محاكاة لمواقف سابق الحدوث ويقوم العقل باستدعائه من الذاكرة.
كما ذكرت أن ديجافو تحدث نتيجة استجابة لموقف يحاكي أو يتشابه مع حدث يختزنه العقل في مرحلة سابقة ولكن لا يستطيع تذكره، وأوضحت أن يمكن استدعاء هذا الموقف من فترة الطفولة، لذا يصعب استدعائه وتذكره بالشكل الطبيعي وذلك على الرغم من إدراك العقل لكل تفاصيل الموقف والتأكد من أن الشخص مر بنفس الموقف في السابق.
هذه العملية المعقدة التي يقوم بها العقل تجعل الشخص يتعامل مع الموقف بشعور غريب مفعم بالإلفة، وفي بعض الأحيان يتم تذكر الأحداث والمشهد ويقوم بربط الأحداث واستكمال الصورة كاملة.
توصيفات أخرى لأسباب تلك الظاهرة
يشير بعض المختصين إلى أنه السبب في حدوث تلك الظاهر يرجع إلى الخبرة الروحية الكبيرة التي يمتلكها الشخص، أو أن يكون لدى العقل انفتاح على كل الخيارات وذلك الأمر يعد من الأشياء الجيدة.
علاج ظاهرة ديفاجو
يتفق الكثير من الأطباء النفسيين وأيضًا أغلب خبراء علم النفس على أمر واحد وهو أن ديفاجو هو عبارة عن ظاهرة ليس إلا، إن لم تصل إلى مرحلة المرض، لذا يكون التعامل مع تلك الظاهرة أبسط من علاج حالات الأمراض النفسية الأكثر تعقيدًا. لكن يوجد البعض من الأطباء الذين يقدمون المساعدة للأشخاص الذي يعانون من تلك الظاهرة عن طريق الفحص والتأكد من عدم وجود نشاط كهربائي زائد.
يكون ذلك عن طريق فحص الفص الصدغي في المخ، وذلك للاطمئنان وفي بعض الأحيان يظهر زيادة في نشاط كهرباء المخ ويتم إعطاء أدوية تقلل من هذا النشاط، ويجب أن يستمر عليه الشخص لمدة لا تقل عن ستة أشهر.
ظاهرة الديجافو هي واحدة من الظواهر النفسية الشائعة التي تحدث لنسبة ليست بالقليلة من الأشخاص، لكنها لا تستدعي القلق فهي مرتبطة في الأساس بنشاط الذاكرة والفص الخاص بالتخزين.