دعاء ليلة القدر (Laylat al-Qadr prayer ) هي ليلة ذات مكانة متميزة تُعاد كل سَنَة في الشهر الهجري، وهي تأتي ضمن الليالي العشر الخواتيم لشهر رمضان الكريم، لقد ورد ذكر هذه الليلة في القرآن الكريم وفي السيرة النبوية للرسول محمد، مما يجعلها تحتل أهمية وخصوصية عند المسلمين، في هذه الليلة نزل القرآن الكريم، وهي ليلة مباركة بمكانة عظيمة، حيث يقول الله تعالى في سورة القدر: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (١) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (٢) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (٣)﴾، وفيها تهبط الملائكة إلى الأرض، فتعم السلامة حتى يبزغ الفجر.
دعاء ليلة القدر
يسعى العديد إلى العثور على دعاء ليلة القدر، ومن المحبذ الإكثار من تلاوة دعوات تلك الليلة المباركة، وذلك خلال هذا الوقت المفعم بالبركات، إذ يكون الدعاء في ليلة القدر مستجابًا، من بين هذه الأدعية:
- اللّهم ارزقني فضل قيام ليلة القدر، وسهل أموري فيه من العسر إلى اليسر، واقبل معاذيري وحطّ عني الذنب والوزر، يا رؤوفًا بِعبادك الصالحين.
- اللّهم إنا نسألك أن ترفع ذكرنا، وتضع وزرنا، وتُطهّر قلوبنا، وتُحصّن فروجنا، وتغفر لنا ذنوبنا، ونسألك الدّرجات العُلا من الجنة.
- اللّهم إنّا نسألك من خير ما سألك منه عبدك ورسولك سيّدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم، ونستعينك من شر ما استعاذك منه عبدك ورسولك سيّدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم.
- إلهي وقف السائلون ببابك، ولاذ الفقراء بجنابك، ووقفت سفينة المساكين على ساحل كرمك يرجون الجواز إلى ساحة رحمتك ونعمتك، اللّهم ما قسمت في هذه الليلة من علم ورزق وأجر وعافية فاجعل لنا منه أوفر الحظ والنصيب.
فضل ليلة القدر
تكمن أهمية تلك الليلة المتميزة في عظمتها لدى الله سبحانه وتعالى، حيث نعتزم على بيان المناقب الفريدة التي تخص هذه الساعات المهيبة، ومن مزايا هذه الليلة المجيدة هو:
- نزل القرآن الكريم في تلك الفترة، وتعتبر هذه النزولية المعجزة الباقية للرسول، صلوات الله وسلامه عليه.
- ليلة مليئة بالبركة والرحمة.
- في هذه الليلة، يتم تحديد المواعيد والأقدار والأحداث التي تحصل ليلًا ونهارًا.
- إن العبادة فيها خير من عبادة ألف شهر.
- تهبط الملائكة خلال هذه الفترة، ولا يأتون إلّا محملين بالنفع واليمن والرأفة، والإنقاذ من عذاب الجحيم.
- أنها سلام من الآفات والعقوبات.
- من أدى صلاة ليلة القدر بإيمان صادق وطلب الأجر من الله، سيُمحى عنه ما سلف من خطاياه، كما أخبر الرسول محمد عليه الصلاة والسلام: “مَن قَام لَيْلَةَ القَدْرِ مُؤْمِنًا ومُحْتَسِبًا، أُغفِر له ما تقدَّم من ذنبِه”، وهذا القول مُجمع عليه.
ما يستحب فعله في ليلة القدر
على المسلم أن يكون حريصًا على التماس ليلة القدر في الأيام الوترية من العشر الأخيرة من رمضان، وقد جاءت الحديث الشريف بعديد من المناقب لقيامها، ومن الطقوس الواجبة أداؤها في هذه الليلة المباركة:
- تستعد لهذه المهمة منذ بزوغ الفجر، فتجدها دائمًا بعد صلاة الفجر ملتزمة بترديد أذكار الصباح، ومن ضمن ما تلتزم به قول: “لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الملك له والحمد له وهو على جميع الأشياء قدير” بمعدل مائة مرة.
- تأكد من تقديم وجبة إفطار للصائم، سواء بدعوته للإفطار عندك، أو بإرسال الطعام إليه، أو بتقديم النقود لمساعدته على الإفطار، وبهذا الفعل تحظى بثواب مضاعف كأنك صمت شهر رمضان مرتين، إذا قدمت الإفطار للصائم كل يوم من بداية الشهر وحتى نهايته.
- في وقت مغيب الشمس، صلِّ لتطلب من الله العون والتوفيق في أداء صلاة ليلة القدر.
- أعد صدقتك لتقديمها في إحدى ليالي العشر الأواخر، وتأكد من وجود ما يكفي من الإدخار خلال العام لتقديمه خلال هذه الليالي المباركة، فلا تدع ليلة من ليالي الوتر تمر دون أن تقدم فيها صدقتك ومن دون دعاء ليلة القدر
اقرأ المزيد:
اللهم انت الصاحب في السفر – كيف تستغل وقت السفر ؟
ما هو الثلث الأخير من الليل – ماذا يُقرأ في صلاة الليل
ما هو الحجر الاسود؟ مواصفات أول مرة تعرفها عنه
دعاء قضاء الحاجة وتيسير الأمور الصعبة والشديدة
علامات تدل على ليلة القدر
ليلة القدر هي ليلة مقدّسة مفعمة بالبركات التي منحها الله -جلّ وعلا- مكانة رفيعة ومنزلة جليلة، وقد تم التعريف بعلامات هذه الليلة الشريفة في الأحاديث النبوية، فمن هذه العلامات ما يلي:
- جلاء السماء وإطلالة الشمس دون أشعة، حيث تتسم السماء بالصفاء والهدوء، ويكون المناخ متوسطًا؛ لا يميل للبرودة ولا للحرارة، وتظهر الشمس في الصباح بلا أشعة تُضيء كالقمر في ليلته المكتملة.
- وبالمثل، يكون القلب مرتاح ومتحمس لتأدية الطاعات ويجد لذة في العبادة أكبر منها في ليالي أخرى؛ والسبب في ذلك هو نزول الملائكة بالسكينة على العابدين.
- قد تظهر في أحلام الشخص كما ظهرت لعدد من الصحابة.
أسباب تسمية ليلة القدر
تباينت وجهات نظر الباحثين بشأن الدوافع التي أدت إلى تسمية هذه الليلة بهذا اللقب، وإليكم استعراض لمجموعة من هذه الرؤى في العناصر الآتية:
- تُعرَف ليلة القدر بهذه التسمية دلالة على مكانتها المرموقة، إذ أنها تعتبر من الليالي الجليلة، لذلك فإن الله عز وجل قد كرمها بقدرٍ عالٍ.
- يذكر الليل الثاني أن معنى كلمة القدر ينبع من الشعور بالضيق، وذلك لأنه في تلك الليلة تضيق الأرض بسبب توافد الملائكة إليها، ووفقًا لما أخبر به نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم إن “الملائكة تلك الليلة، الليلة في الأرض أكثر من عدَدِ الحَصَى”.
- يذهب الاتجاه الثالث إلى أن تسمية هذه الليلة جاءت نتيجة لكونها الزمن الذي يتم فيه تحديد الأمور، وفيها يبين الله عز وجل لملائكته ما قضاه للناس، وكما أنزل في كتابه الكريم “فيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ”.
- تُعتبر إحدى النظريات الرئيسية حول معنى هذا الاسم أن ليلة القدر هي الليلة التي تم فيها تنزيل الكتاب المجيد ذو القيمة العظيمة، وهو القرآن الكريم، وقد أوضح الله تعالى هذا المعنى في كتابه الكريم بقوله: “إنَّا أَنزَلْناهُ في لَيْلَةِ الْقَدْرِ”.
- وكما أن الاسم نابع من العظمة والاحترام الذي يناله العابد المؤمن عندما ينخرط في طقوس العبادة والأعمال الصالحة في هذا اليوم، مع تأكيده على التطلع لرضا الله عز وجل.
كيفية إحياء ليلة القدر
ذكر ابن رجب أنه بالنسبة للأعمال التي تؤدى في ليلة القدر، فإنها مؤكدة من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم الذي قال: “من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه”، وهذا الحديث متفق على صحته.
- تنبعث الحياة فيها عن طريق التفاني بالعبادة وإقامة الصلاة خلال الليل.
- وأما العمل والعبادة في ليلة القدر،
- دمج بين العبادة والتلاوة والاستغفار والتأمل، وتعد هذه الأنشطة من أفضل الأعمال وأشملها في ليالي العشر الأواخر وغيرها، والله تعالى أعلى وأعلم.
- يتم إحياء ليلة القدر بشتى صور العبادة والتقرب إلى الله، من خلال أداء الصلوات الواجبة والمستحبة والنفل، وقراءة القرآن العظيم، والإكثار من التسبيح والتذكير بالله عز وجل، وإعطاء الزكاة، والمكوث في المسجد للعبادة، والدعاء إلى خالق السماوات والأرض.
- يُستحب كثرة الدعاء وخصوصًا دعاء ليلة القدر والابتهال إلى الله عز وجل.
أدلة ليلة القدر في القرآن الكريم
ليلة القدر هي الأفضل من بين جميع الليالي، حيث تنزّل فيها القرآن الكريم، وأعلم الله تعالى أنها تتفوق في فضلها على ألف شهر، وهي ليلة مليئة بالبركات، كما أنه يتم تقدير وتحديد كافة الأمور الحكيمة خلالها.
- بما ورد في بداية سورة الدخان، يُعرب الباري عز وجل بقوله: (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4) أَمْرًا مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (5) رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (6) [الدخان:1-6
- في شرح الطبري للآية الثالثة من سورة الدخان، يعتقد أن الليلة التي أشير إليها هي في الواقع ليلة القدر، وليس ليلة النصف من شهر شعبان كما افترض بعض العلماء. يفسر الطبري، تغمده الله برحمته، في تأويله:
- يقول العلي القدير “إِنَّا أَنـزلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ” وقد حلَّ الخلاف بين مفسري النصوص حول تحديد هذه الليلة الكريمة من العام. وذهب طائفة منهم إلى القول بأنها ليلة القدر.
أهمية التبرع في ليلة القدر
إعطاء الصدقات في ليلة القدر يحمل أهمية جليلة ومكانة رفيعة، وقد تم التأكيد على فضل البذل والعطاء في هذه الليلة المباركة من قبل النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، ويرجع ذلك إلى ثلاثة دوافع رئيسية:
- على مدار شهر رمضان بأكمله، يكافئ الله الأعمال الطيبة التي تقام بنية خالصة لنيل رضاه وتعظيم العبودية له بمقدار ضعف مضاعف.
- إضافةً إلى ذلك، ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم، أن الصدقة التي تُعطى بشكل تطوعي خلال شهر رمضان تعتبر من أفضل الصدقات.
- ينقل ابن عباس عن أنس بن مالك قوله إنه استفسر من الرسول، صلى الله عليه وسلم، عن أعظم الصدقات فضلًا، فأجابه النبي ” الصدقة أفضل فقال الصدقة في رمضان”.
- رغم أن شهر رمضان بأكمله مليء بالبركات والثواب، إلا أن لليلة القدر امتياز خاص، حيث يجزل الله العطاء لعباده على أي عمل صالح فيها بما يعادل أجر أكثر من ألف شهر من الأعمال، وكأن الإنسان قد أدير هذا العمل المبارك طيلة 83 سنة و4 أشهر متواصلة، تلك هي النعمة الربانية التي يمكن تحصيلها في سويعات قصيرة من التعبد.
- هذا يشير إلى أن التصدق بدولار واحد في ليلة القدر كأنما يوازي التبرع بمبلغ لا يقل عن ثلاثين ألف دولار.
- إن الخالق عز وجل يمتلك بمفرده المعرفة التامة بمقدار الأجر الذي يُعطى للصائم وزيادة الحسنات التي يحصل عليها بالصوم، دون أي طاعة أخرى.
- إن النبي محمد، صلوات الله وسلامه عليه، نقل قولًا مُنسوبًا لله تعالى أفاد فيه: ” (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ )(مسلم رقم 115).
- يشير هذا إلى أن مكافأة الصيام تفوق كل الأعمال الصالحة الأخرى في حساب يوم القيامة، ويضاعف الله الأجر أكثر بكثير بالنظر إلى أهمية ليلة القدر.
- تشتهر سنة النبي بسخائه الفائق الذي يُظهره دومًا، ومع هذا، فإن مساهماته الخيرية التي تُعد مثالاً يُحتذى به تشهد ازديادًا ملحوظًا خلال شهر رمضان، هذا دليل على أن عطاء المسلم من خلال الصدقات ينبغي أن يتنامى بشكل ملحوظ في هذا الشهر الكريم.
اسئلة شائعة
توجد تسمية أخرى لليلة القدر مذكورة في القرآن الكريم، فما هي؟
ليلة مباركة
هناك سورتين تحدثت بوضوح عن ليلة القدر، فما هي تلك السورتين؟
القدر والدخان
دعاء ليلة القدر مهما تنوعت صيغة الدعاء، فيظل حافزًا وتشجيعًا للمؤمنين على الاجتهاد في العبادات والإلحاح فيها بصورة متواصلة، والثبات على هذه الحالة.