عندما تصل للمواضع التي تحتاج فيها دعاء سجود التلاوة (The supplication of prostration of recitation) يجب أن تُظهر تواضعك وخضوعك لله تعالى من خلال أداءه، فهذه اللحظة المميزة تعكس اعترافك بعظمة الله وقدرته، وتذكيرك بأهمية تقدير كلماته المقدسة، وبادر بالسجود وأبدأ في التضرع إلى الله بالدعاء طالبًا منه الهداية والغفران، ومسألته عن الرضا والرحمة، واغتنم هذه الفرصة لتعبر عن تقديرك واستغلالك لكلمات الله وتواصل حمد الله على نعمه الكبيرة.
دعاء سجود التلاوة
دعاء سجود التلاوة هو الدعاء الذي يُسن للمصلي أن يقوله بعد الانتهاء من قراءة آيات من القرآن الكريم وقيامه بالسجود، ويُعتبر فرصة للتضرع إلى الله وطلب الرحمة والمغفرة، ولتعبير الشكر والتواضع أمام عظمة الخالق، ومن خلال الدعاء يمكن للمؤمن أن يعبر عن قربه وتقربه إلى الله خلال أداء الصلاة واستماعه لكلامه العظيم، فكانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ في سجود التلاوة مرارًا:
- (سجدَ وجهي للَّذي خلقَهُ، وشقَّ سمعَهُ وبصرَهُ، بحولِهِ وقوَّتِهِ فتبارَكَ اللَّهُ أحسنُ الخالقينَ)،
- (اللَّهمَّ اكتب لي بها عندَكَ أجرًا، وضع عنِّي بها وزرًا، واجعلْها لي عندَكَ ذخرًا، وتقبَّلْها منِّي كما تقبَّلتَها من عبدِكَ داودَ).
التعريف بسجود التلاوة
يجب التنويه بأن حكم سجود التلاوة هو سنة سواء كان خلال الصلاة أو خارجها، ويُنصح بأن يُؤدى في جميع الأوقات عندما يصل القارئ إلى موضع سجود التلاوة سواء كان هو القارئ أو المستمع، ويجب على المستمع أن يسجد إذا سجد القارئ، وبالنسبة لطريقة سجود التلاوة يُقام سجدة واحدة بعد التكبير والسجود ولا يلزم السلام بعدها، وهناك بعض الأحكام المتعلقة بسجود التلاوة سنلخصها فيما يلي:
- تطهر من الحدثين الأكبر والأصغر.
- طهارة الجسد والثياب والمكان.
- استقبل القبلة واستر عورتك.
- كبر قبل سجود التلاوة.
- لا يُشترط تسليم الصلاة بعد الانتهاء من سجود التلاوة.
اقرأ أيضًا: أفضل الدعاء في ليلة القدر ونصائح للفوز بالعشرة الأواخر
دعاء سجود التلاوة عند المالكية
في المذهب المالكي يُعتبر دعاء سجود التلاوة أمرًا مهمًا يجب الاهتمام به خلال الصلاة، فعندما يقرأ المصلي آية تتطلب السجود يُفضل أن يقول دعاءً خاصًا أثناء السجود ليزيد من خشوعه وتقربه إلى الله، يعتبر هذا الدعاء مناسبة لطلب الرحمة والمغفرة، وللتضرع بالدعاء لما يحتاجه الفرد، ومن الملفت أن المالكية يولون اهتمامًا كبيرًا للدعاء والتضرع خلال السجود مما يجعل هذه اللحظات فرصة للتواصل الروحي العميق مع الله.
من الأدعية المأثورة التي يُفضل قولها في هذا الوقت: “سجدت وجهي للذي خلقه، وشق سمعه وبصره بحوله وقوته، فتبارك الله أحسن الخالقين”.
أهمية دعاء سجود التلاوة
تعتبر أهمية دعاء سجود التلاوة أمرًا بالغ الأهمية في العبادة والتقرب إلى الله، فإليك أهميته من خلال النقاط التالية:
- فرصة للانقياد والخضوع التام لله وهو عبادة تُعزز القرب من الله.
- التلاوة استجابة سريعة حيث يُقال أن الدعاء في هذا الوقت مستجاب.
- يعكس التواضع والتعظيم لله وهو وقت مناسب لطلب الغفران والهداية.
- يذكرنا بقوة الصلاة وأهميتها في حياتنا الدينية والروحية.
- يساهم في تحسين تركيزنا خلال الصلاة وزيادة خشوعنا.
- يعتبر فرصة للتأمل والتفكر في آيات الله وحكمته.
- يمكن أن يكون وقتًا لطلب الرزق والبركة والسلامة في الدنيا والآخرة.
اقرأ أيضًا: دعاء زيارة قبر الرسول وأبو بكر وعمر
صحة دعاء سجود التلاوة
عندما تقوم بالسجود لله تعالى بعد استماع آيات من القرآن الكريم تكون في أقرب نقطة ممكنة من الله وأنت في حالة تذلل وخضوع تام، وهذا النوع من الصلاة يعتبر مكانًا خاصًا للدعاء حيث يُقال إنه يُستجاب بسرعة وبفضل عظيم، وإذا استغليت هذه اللحظة بالدعاء والتضرع إلى الله بصدق وخشوع قد يكون لذلك أثر كبير على قلبك وروحك، ويكون سببًا في قربك من الله وتقوية إيمانك.
هل يجوز الدعاء في السجود في الصلاة المفروضة؟
نعم يجوز الدعاء في السجود خلال الصلاة المفروضة وذلك لأن السجود هو أعظم وأقرب اللحظات إلى الله، وفي هذا الوقت يُشجع المؤمن على التضرع والدعاء لله بما يرغب فيه وبتوفيقه ورضاه، كما يكون الدعاء في السجود من أنقى أنواع العبادة ويُعتبر وسيلة للتقرب إلى الله والإحسان إلى عبادته، لذا لا تتردد في أن تبث قلبك وروحك في السجود بالدعاء والتضرع لله بكل ما تتمنى وتحتاجه.
المواضع التي ورد فيها سجود التلاوة
وردت مواضع عدة في القرآن الكريم يُسجد فيها سجدة التلاوة، وإليك أهم تلك المواضع التي يتم فيها سجود التلاوة:
- (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ).
- (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِن دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ).
- (وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا).
- (إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا).
- (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ ۖ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ ۗ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ).
- (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
- (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا).
- (أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ).
- (إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ).
كيف تؤدى سجدة التلاوة
عندما تصل إلى آية سجدة خلال قراءتك للقرآن الكريم يجب أن تقوم بأداء سجدة التلاوة، وهذه السجدة تعتبر من السنن المؤكدة ويجب أداؤها، ولكي تُؤدّي سجدة التلاوة بشكل صحيح اتبع الخطوات التالية:
- انهُض ببطء من وضعية القراءة.
- قم بتكبير التحريم قائلاً: “الله أكبر”.
- اختف قليلاً حتى تكون وجهك على الأرض.
- أحصل على راحة بين ذقنك والأرض.
- افصل بين الأذنين والأرض.
- قل سبحان ربّي الأعلى ثلاث مرات أو أكثر.
- ارفع رأسك وعود إلى وضعك الأول بتكبير التحريم، ومن ثم اجلس لإتمام قراءتك.
اقرأ أيضًا: دعاء الكرب والهم والحزَنِ والضيق مكتوب لفك الكرب وتسهيل الأمور
دعاء سجدة التلاوة بدون سجود
عندما تقرأ آية من القرآن وتصادف دعاء سجود التلاوة يكون لديك الفرصة للدعاء والتضرع إلى الله، حتى لو لم تكن في وضعية السجود، ويمكنك أن تعبر عن شكرك، استغفارك وتضرعك بكلمات صادقة ومخلصة، فاستغل هذه الفرصة لتعبير عن تواضعك واعترافك بقدرة الله وكرمه، ولا تدع الفرصة تفوتك لتقرب من الله من خلال دعاء سجدة التلاوة حتى إذا لم تكن في وضعية السجود الفعلية.
أسباب سجود التلاوة
استكمالًا لـ دعاء سجود التلاوة فهناك عدة أسباب تم ذكرها لسجود التلاوة من قبل الفقهاء حيث اتفق الجمهور على سببين لهذا السجود وهما:
- التلاوة وهي عملية قراءة القرآن سواء كانت خلال الصلاة أو خارجها.
- يشير الاستماع إلى الشخص الذي يسمع آية سجدة التلاوة سواء كان داخل صلاة أو خارجها.
بالنسبة للحنفية قالوا إن هناك ثلاثة أسباب للسجود، وهي:
- التلاوة وتعني قراءة القرآن سواء كان ذلك في صلاة أو خارجها فهي تعبر عن الاستماع والتلاوة لكلمات الله.
- سماع تلاوة ويعني سماع آية تحتوي على سجدة سواء كان داخل الصلاة أو خارجها.
- الاقتداء ويكون في حالة عدم سماع الآية التي تستوجب السجود خلال الصلاة الجماعية فيتجه الشخص ويسجد لتلاوتها.
شروط سجود التلاوة
عندما تقرأ آيات من القرآن الكريم تواجهك شروط معينة لأداء سجود التلاوة بشكل صحيح ومقبول، وتتضمن هذه الشروط الآتي:
- يجب أن تقرأ آية توجب السجود كاملة.
- يستحب أن يكون المكان الذي تقرأ فيه خاليًا من النجاسة.
- يجب أن تكون باتجاه القبلة.
- تكون ثيابك نظيفة.
- يُحب تعظيم الآية بتلاوتها بتدبر.
- ينبغي أن تحرص على تعظيم هذه الركعة.
كيف نسجد سجود التلاوة خارج الصلاة؟
إذا كانت خارج الصلاة ليس فيها تسليم ويكون التكبير الوحيد هو التكبيرة الأولى عند السجود. فيجب عليها أن تكبر فقط وأن تقول في سجودها: “سبحان ربي الأعلى، اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه، وصوره، وشق سمعه وبصره بحولك وقوتك، تبارك الله أحسن الخالقين”.
ما حكم من لم يسجد سجود التلاوة؟
من لم يسجد فليس عليه ضرورة؛ لأن سجود التلاوة ليس واجباً بل سنة. وهذا ما يظهر من حديث النبي صلى الله عليه وسلم حين قرأ زيد بن ثابت سورة النجم ولم يسجد، ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالسجود، وهذا يُظهر عدم وجوب السجود في هذه الحالة.
هل يجوز سجدة التلاوة من غير وضوء؟
عندما يقرأ الإنسان سورة السجدة يسجد ولو كان في حالة غير طاهرة، كما في سجود الشكر لا يجب عليه أن يكون طاهرًا وهو يسجد، لعدم وجود دليل على ذلك. وبالمثل إذا كان يستمع للقارئ وسمعه يسجد يجوز له أن يسجد معه بغض النظر عن حالته الطاهرة أو غير الطاهرة.
في الختام فعندما تصل إلى دعاء سجود التلاوة ضع يديك على الأرض معربًا عن تواضعك وخضوعك أمام الله. واسأل الله بصدق وإخلاص أن يقبل منك هذه الصلاة ويجعلها في ميزان حسناتك. ثم تذكر دائمًا أن الدعاء هو سلاح المؤمن فلا تحرم نفسك من تلك الفرصة الثمينة للتواصل مع الله.